د. محسن صفار أديب |
جوائز ثقافية
بقلم:
د.
محسن صفار
** سعيد صحفي مخضرم بدأ الكتابة في سن مبكرة ولما تخرج من كلية الاداب حصل
على وظيفة في احدى الجرائد وظل يكتب فيها حوالي العقدين من الزمن ونشر في هذه
المدة عدة مؤلفات في مواضيع مختلفة لاقت استحسانا لدى جمهور كبير من القراء وطبعا
لم يكن سعيد شخصية مثيرة للجدل ولم يكن يسعى من خلال ما يكتب الى الظهور واستعراض
عضلاته الادبية والاعلامية بل كان يؤمن بان الصحافة والادب لديها رسالة سامية في
توعية الانسان ورفع مستواه الفكري والادبي.
ظل سعيد يعمل في الجريدة حتى جاء يوم تغير فيه رئيس التحرير الذي اعلن ان
الصحيفة ستشهد تغييرات كبيرة وجذرية كي تواكب عصر الانترنت وانطلاقا من هذا المبدأ
فسيتم تعيين كفائات شابة لتجديد الدم في الصحيفة , وبعد يومين فوجئ سعيد بفتاة
شابة جميلة الوجه جريئة المظهر تدخل غرفته وتعرف نفسها على انها سناء المحررة
لعمود الثقافة والفن الجديدة في الجريدة وستعمل معه .
حاول سعيد ان يعلم الفتاة الشابة مايعرفه عن الصحافة الا انه وجدها منشغلة
بهاتفها ومظهرها اكثر بكثير من العمل الاعلامي ولاحظ ان ماتكتبه في عمودها ليس سوى
مجموعة تفاهات عن فنانة تطلقت واخرى عشقت وثالثة تجهل ممن حملت والى اخره من
الاخبار التي لاتسمن من جوع ولا تدفئ من برد .
تحمل سعيد وقال لنفسه طالما هذه سياسة رئيس التحرير الجديد فلنعطه فرصة
ونرى ما تكون النتيجة من هذه التغييرات .
في احد الايام استدعى رئيس التحرير سعيد الى مكتبه وقال له :
استاذ سعيد انت احد اقدم العاملين في هذه الجريدة ولقد رشحتك لجائزة افضل
صحفي لهذا العام واريدك ان تحضر حفل الجوائز وان تصطحب معك المحررة الجديدة كي
تغطي الحفل .
فرح سعيد لانه واخيرا سيتم تكريمه على ما بذله من جهود في عالم الصحافة
والاعلام بجائزة مميزة واتفق مع زميلته على اللقاء في صالة الحفل , عند البوابة
تفاجأ سعيد بزميلته ترتدي ثيابا اقل ما يقال عنها انها فاضحة وشعر بالحرج للسير
معها ولكنه مع ذلك بقي الى جانبها احتراما للزمالة بينهما . وقال سعيد لزميلته :
انت جديدة في هذه المهنة ولا تعرفين احدا لذا ابقي معي وساعرفك على
الموجودين تفاديا للاحراج .
نظر سعيد حوله فشاهد وكيل وزارة الثقافة فقال لزميلته :
هذا زميل قديم والان اصبح وكيلا للوزير دعيني اعرفك عليه .
ذهب سعيد برفقة زميلته وما ان شاهدهم الوكيل حتى ابتسم ملا شدقيه كما يقال
وبادر بالقول :
انسة سناء ؟ الكاتبة العبقرية ؟ كيف الحال ؟ والله انا متابع بل مدمن على
مقالاتك الرائعة واقول لنفسي طالما لدينا ادباء عباقرة مثل سناء فالثقافة بالف خير
ثم التفت الى سعيد وقال :
هل مازلت تكتب يا سعيد ؟ الم يحن الوقت لتقاعدك يارجل ؟ احيانا اتصور انك
تكتب باللغة الهيروغلوفية من شدة قدم مواضيعك .
ابتسم سعيد على مضض لهذه النكتة السخيفة وانسحب بهدوء بما تبقى من كرامته
,ثم شاهد وزير الثقافة محاطا برجال حمايته فقرر الذهاب والتعريف عن نفسه وزميلته
فلما وصلا الى رجال الحماية افسحوا لها الطريق بكل احترام بينما اوقف سعيد
ومنع من المرور فما كان من سناء الا ان قالت لرجال الحماية :
لا بأس الاستاذ سعيد برفقتي دعوه يمر .
وهنا افسح الحماية المجال له كي يمر وسط ذهول سعيد وكما الوكيل قام الوزير
بالواجب مع سناء وزاد عليه انه قام بحضنها والتصوير معها !!
لم يكن سعيد يصدق مايرى فالزميلة التي دخلت عالم الصحافة منذ ايام صارت
مشهورة اكثر منه الذي يكتب ويؤلف منذ عقود من الزمن وشاهد النواب والمدراء وحتى
السفراء يأتون صوبها ويسلمون عليها ويمتدحون اسهاماتها الكبيرة في عالم الادب
والثقافة العربية ويعطونها ارقام هواتفهم الخاصة وسأل سعيد نفسه هل من حدود لمعارف
وعلاقات هذه الفتاة , ولما حان موعد توزيع الجوائز دخل وزميلته القاعة وبعد توزيع
عدة جوايز على اشخاص اخرين قال عريف الحفل :
قررت لجنة التحكيم منح جائزة افضل عمود صحفي للزميل الاستاذ سعيد ولكن
فخامة رئيس الجمهورية اصدر مرسوما تقرر بموجبه منح الجائزة للصحفية المبدعة سناء .
خرج سعيد من الحفل وهو يغني
انا سناء اخت القمر
بين العباد حسني اشتهر
وكل جائزة ثقافية وانتم بخير
0 تعليقات