جمعة الرحيل
وردت الينا رسالة قبل فجر اليوم الجمعة (حمعة الرحيل ) في تمام الساعة 2:43 ص من شباب الفيس بوك الذين شاركوا في ثورة 25 يناير 2011م - رأينا نشرها بالكامل دون تدخل منا - جاء فيها : جانب يتمنى رحيل الرئيس .. الأمس قبل الغد .. و جانب يدعو للاستقرار و تمكين الرجل من عمل انتقال سلمي للسلطة حتى موعد رحيله ..
أيهما أصح ؟ .. أي الفريقين أكثر وطنية و حبًا لهذا الوطن ؟
إن الإجابة عن هذا السؤال يتوقف عليها أمرين كلاهما غال و نفيس .. 1- مستقبل هذا الوطن .. 2- دماء أبناءه ..
كي نكون موضوعيين .. علينا أن نرى المبررات التي يسوقها الفريقين .. و نبحث معًا بعد ذلك في تبعات كلا الرأيين على مستقبل هذا الوطن و دماء أبناءه ..
الرأي الأول :-
يتلخص في الآتي ..
1- مبارك سفاح و لص .. يجب أن يترك السلطة فورًا و تتم محاكمته .
2- يجب تشكيل حكومة انتقالية و عمل دستور جديد و عمل انتخابات تشريعية فانتخابات رئاسية ( متقوليش مين اللي هينظم الحوار ده و لا مدى شرعيته عشان مش لاقي إجابة لغاية دلوقتي !! )
الرأي الثاني :-
يتلخص في الآتي ..
1- مبارك سفاح و لص .. إلا أنه من الواجب أن يستمر حتى نهاية فترته التي ستنتهي بعد 8 أشهر حتى يتم الانتقال السلمي للسلطة .
2- يجب الالتزام بما وعدت به الحكومة الجديدة من :-
أ- تعديل المواد 76 و 77 .. و مؤخرًا أضيف لهم 88 على لسان عمر سليمان في حديثه الأخير .
ب- الالتزام بحكم محكمة النقض في الطعون الخاصة بأعضاء مجلس الشعب و التي تبلغ اكثر من 400 طعن بما يعني حل اكثر من 80 بالمائة من المجلس بالفعل .
ج- التحقيق في مسألة الانفلات الأمني .
د- التحقيق مع رؤوس الفساد الذين مصوا دماء الشعب المصري .
هـ - التزام الرئيس بعدم ترشحه لولاية ثانية .. وابنه كذلك .
و – الالتزام بالحوار في كل محاور التغيير مع جميع القوى السياسة بما فيهم الإخوان .
السيناريو المتوقع حال الانصياع لرغبة الفريق الأول .. التنحي الفوري :-
1- يتولى فتحي سرور رئاسة البلاد لمدة ستين يومًا حسب الدستور يتم فيه اختيار رئيس للجمهورية .
2- سيتم العمل بأحكام الدستور كما هو و لن يتم تعديله .. لأن تعديل الدستور هو من صلاحيات رئيس الجمهورية فقط .. مما يعني أننا سوف نختار - حسب المادة 76 - من بين رؤساء الأحزاب الحاليين كالسيد البدوي رئيس حزب الوفد الذي اشترى جريدة الدستور ليطرد إبراهيم عيسى في صفقة قذرة مع النظام .. أو كمفوض رئيس الحزب الناصري سامج عاشور الذي تشاجر مع الأمين العام كأي شوارعي في حانة و استقدم كل منهما بلطجية لاقتحام مقر الحزب .. و غيرهم من المصائب السوداء ! .. أو سنختار من سيجمع 50 بالمائة من أعضاء مجلسي الشعب و الشورى .. هذا المجلس الحالي الذي يحتوي على مجموعة من المزورين منعدمي الضمير .. مما يعني أن هؤلاء قد يتم شراء أصواتهم بسهولة تامة من جهات خارجية لترشيح وغد بعينه ! .
3- قد يراهن هؤلاء أن الجيش يمكنه أن يدعم مطلب الشعب بعد عمل مظاهرات حاشدة و مليونية تطالب بعمل مجلس حكماء و حكومة انتقالية و دستور جديد و انتخابات تشريعية جديدة و من ثم انتخابات رئاسية .. و هو قيادة نحو المجهول و رهان غير منطقي .. لأنه ضد الشرعية من جانب .. و لأنه لو تحقق ستكون هناك لبنان جديدة .. فستحدث الصفقات القذرة بين الأحزاب و سيحاول الإخوان ملأ الفراغ السياسي بأي شكل مما قد يخالف رغبة قطاع عريض من الشعب .. هذا يعني ببساطة حدوث حرب شعواء بين تلك الأطراف قد تكون نتائجها كارثية على مستقبل هذا البلد .. مع مراعاة وجود أكثر من 20 ألف سجين هارب بينهم جماعات جهادية كجماعات التكفير و الهجرة و جماعة الجهاد .. و أظن أننا لا نراهن على شقة قديمة أو حذاء قديم .. إنها مصر هي تلك التي تراهنون عليها في مستقبل مجهول يحتمل الكثير !! .
السيناريو المتوقع حال الانصياع لرغبة الفريق الأول .. الانتقال السلس للسلطة :-
1- تعديل المواد 76 و 77 و 88 و التي ستحقق فرصة عادلة للترشح مع ضمان أن تكون فترة التولي لفترتين فقط مع ضمان الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات مما يقطع باستحالة التزوير .
2- عمل انتخابات جديدة لما لا يقل عن 50 % من أعضاء المجلس الحالي .. مما يعني برلمانًا جديدًا قد تحوز فيه المعارضة على الأغلبية .
3- التحقيق مع رؤوس الفساد دون استثناء .
4- التحقيق في الفساد الأمني و عودة الانضباط الأمني للشارع .
5- رئيس جديد ينتخبه الشعب في سبتمبر القادم و دستور جديد يحكمه و حكومة جديدة تعبر عنه .
إلى هنا انتهى السيناريو المتوقع .. و كل صاحب عقل يستطيع ان يرشح أيهما أفضل لمستقبل هذا البلد و حقنًا لدماء أبناءه ..
إلا أن المشكلة التي تواجه البعض في تساؤلات عدة ... مثل :-
1- ما هو الضامن لتلك التخيلات الخاصة بالانتقال السلس للسلطة ؟
2- لماذا لا يتم العمل الفوري على إلغاء قانون الطوارئ و حل مجلس الشعب و الإشراف القضائي إن كان النظام ينوي فعلُا عمل إصلاحات في تلك الأمور ؟؟ .. ألا يدل هذا على نية مبيتة للتزوير و التغرير بأبناء هذه الثورة ؟؟
3- أين دماء الشهداء .؟؟؟ .. و هل سنكتفي بإعلانه عدم الترشح لفترة أخرى و نتركه بعد كل تلك الجرائم القذرة ؟؟
ج1- الضامن بعون الله سبحانه و تعالى هو نحن .. نحن الذين عرفنا الطريق إلى ميدان التحرير في أول الأمر .. و نحن الأقدر على أن نذهب مرة أخرى في حال عدم استجابة الحكومة .. فلنجعلها جمعة الغضب في أول يونيو إن لم تنفذ كل تلك المطالب بحاذافيرها ... وقتها ستكون جمعة اللاعودة .. جمعة الرحيل بإذن الله سبحانه و تعالى .
ج2- لا يمكن إيقاف العمل بقانون الطوارئ الآن للأسف .. فهو الضامن الوحيد لعودة الانضباط للشارع المصري في ظل فرار أكثر من عشرين ألف مسجل خطر و خلايا الجماعات الإسلامية .. كما أن حل مجلس الشعب و إعادة الانتخاب لا يمكن في ظل وجود جدول زمني محدد بستة أشهر فقط مطلوب فيه عمل مشاورات مع القوى المعارضة و عمل انتخابات محلية و انتخابات حزبية داخلية ثم انتخابات على مستوى مصر .. هذا غير تعديل مسألة عمال و فئات و مناقشة تعديلات الدستور و إقرارها من مجلس الشعب المطلوب حله .. كما أن عمر سليمان أقر بإمكانية عمل إشراف قضائي .. إذن فالمسألة مسألة وقت .. كما أن الأمر مطروح للحوارمع الحكومة و لا معنى لعدم تلبية الحوار في تلك الحالة !! ..
ج3- أقسم بالله العظيم أنني أكره حسني مبارك أكثر مما تتخيلون .. لقد رأيت الدماء في انتفاضة الغضب يوم الجمعة و تعرضت لطلق ناري في يدي و صدري كاد أن يتسبب لي في شلل تام على أقل تقدير ما لم ألق حتفي .. أرقد على أثره الآن في فراشي لا أكتب إلا بيد واحدة في صعوبة .. أود الانتقام مما حدث لإخواني و مما حدث لي .. إلا أن هذا ليس وقت الحساب ! .. فإذا تعارضت مشاعر الانتقام مع مصلحة مصر .. فإن مصلحة مصر هي الأولى .. و أجزم أن شهداء تلك الثورة إذا خيروا بين الانتقام من حسني مبارك و بين مصلحة هذه البلاد لاختاروا مصلحة هذه البلاد .. أرجوكم .. لا تجعلوا مشاعر الانتقام تلقي بهذه البلد إلى الهاوية .. فحسني مبارك سيذكره التاريخ بأحط الصفات و أدناها .. سواء مات منفيًا أو مقتولًا أو مات على عرشه .. أما هذا الوطن فسيبقى إلى يوم الدين بإذن الله سبحانه و تعالى .. فحافظوا عليه بالله عليكم .. حافظوا عليه قبل أن تأكلنا نار الفرقة و الأهواء ..
كلمة أخيرة للفريقين .. لكل من قرأ هذا المقال و قرر أن يكون مع أي فريق ..
لا تتهم الآخر في وطنيته .. لا تتهمه بالعمالة لمجرد أنه يخالفك بالرأي .. تذكروا أننا كلنا نحب هذا الوطن و إن اختلفت أفكارنا ..
و أرجو من السادة المؤيدين للانتقال السلمي للسلطة أن يجنحوا إلى الاعتدال .. فلا معنى أبدًا لوضع صورة " مبارك " على البروفايل الخاص بكم لمجرد أنكم تؤيدين الاستقرار .. و تنسون شهداء الثورة و شهداء العبارة و جموع الجياع التي نهبها الفاسدون تحت سمع و بصر " الأب !! " مبارك ..
اللهم احفظ مصر .. اللهم آمّن مصر ... إنك مالك الملك و أنت اللطيف الخبير .. و أنت سبحانك على كل شيء قدير .. آميـــــــن يا رب العالمين ..
شباب ثورة الغضب
0 تعليقات