صباح الخير يامصر
تحي :
الذكرى
الأولى لرحيل "فولتير" الشرق :
الشاعر
عبد الرحمن الأبنودي
-----
كتبت : نهلة
النمر
** أثناء الاحتفالية التى
أقيمت بمناسبة عيد ميلاده فى 2014 بمؤسسة الأهرام، وكذلك احتفالاً بصدور ديوانه
«مربعات الأبنودي»، كشف الروائى الكبير جمال الغيطانى عن سر لقب «الخال» الذى
أُطلق على الشاعر الكبير، فقال الغيطانى إن «الشعب المصرى عندما كان يحب أحدًا ويثق
فيه، كان يسميه الخال، لأن الخال لا يرث وليس لديه أية مطامع شخصية، ولذا فقد
أطلقوا على الشاعر عبد الرحمن الأبنودى لقب الخال».تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيل
شاعر العامية الأول عبد الرحمن الأبنودى، تاركاً خلفه مواويل وحكايات، وقمراً لن
يضيء لسواه.
عندما ولد الطفل "عبد الرحمن"، لابد أن فاطمة -أم هذا
الوليد- لم تكن تعلم أن هذا الهزيل سوف يختبر الحياة بعقود ثمانية، وأنه سوف يجالس
العظماء والرؤساء، وأنه عندما يفارق الحياة ستظل ذكراه خالدة إلى أبد الآبدين.
لقد وُلد الشاعر عبد الرحمن الأبنودى فى أيام الحُسومات، وهى تسعة
أيام تأتى فى وقت بعينه من السنة القبطية، ويعتقد البعض فى صعيد مصر حيث «نقادة» مسقط
رأس الشاعر، أن كل الكائنات الحية التى تُولد خلال هذه الأيام التسعة، نادرًا ما
تعيش، وإذا عاشت فتكون مريضة.
فخاضت الأم - بحسب رواية الخال- معركة قوية ضد الطبيعة، لجأت خلالها
لخبرات السابقين، ونصائح نساء القرية وممارسات التحصين من الحسد، وطرد الأرواح
الشريرة، وأخذت تناجى الله كثيراً لإنقاذه، بينما كان الأب يائساً من بقائه حياً،
مردداً: «سيبيه يموت فى هدوء، وماتعلقيش نفسك بيه، ده مالهوش عمر».
يبدو أن الحسومات تلك، مخالفة فعلاً للطبيعة، وأن من ينتصر عليها تكتب
عليه حياة مختلفة، كتلك التى كتبت على شاعرنا عبد الرحمن الأبنودى.
فقد عاصر الأبنودى -كما لم يعاصر شعراء مثله- جميع رؤساء مصر، بداية
من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى الرئيس عبد الفتاح السيسى، متفاعلاً مع كل
ما مرت به مصر من أحداث، مؤرخاً وموثقاً لها جميعاً من خلال حرفه.
ففى عهد الرئيس جمال عبدالناصر تعرض «الخال» للسجن رغم أنه كانت تربطه
بعبدالناصر محبة كبيرة، وقال عن تجربته فى السجن فى عهد عبدالناصر: «عند اعتقالنا
لم توجه لنا تهمة، وفترة الاعتقال كانت أياماً جميلة بالنسبة لى».
كان الأبنودى معارضًا للزعيم السادات، خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد،
فألقى الأبنودى فى فبراير 1981 فى عيد الطلاب قصيدته «المد والجزر» التى تنبأ فيها
بمقتل السادات، وفى نفس التوقيت كتب قصيدته «لا شك أنك مجنون»، وقال الأبنودى بعد
رحيل السادات "كنت حاسس أن رحيله فى الوقت ده نعمة".
أما نظام مبارك فقد رأى الأبنودى مثل غيره من الكتاب، أن هذا النظام
ذاهب بالبلاد إلى هاوية لا محالة، فأصدر ديوانه الشعرى «المشروع والممنوع» الذى
ينتقد فيه مبارك وبطانته.
كما حذر الأبنودى من الثورة ضد مبارك ونظامه، ولم تكذب الثورة حدسه،
فأتت بالفعل فى 25 يناير، وتفاعل الأبنودى معها ومع الشباب، فانتشرت قصيدته «الميدان»،
والتى كان الثوار يحفظونها ويرتلونها، وغنّى الفنان على الحجار وقتها من كلمات
الأبنودى أكثر من أغنية للثورة منها ضحكة المساجين.
وعن موقف الأبنودى من الإخوان فقد كان من أشد المعارضين لحكم الإخوان
المسلمين وكثيراً ما انتقد سياساتهم.
بيد أن الأبنودى دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع إعلان ترشحه
لانتخابات الرئاسة الأخيرة، وكتب فيه أكثر من رباعية فى ديوانه الأخير «الرباعيات»،
والتقى السيسى فى أثناء حضوره القاهرة لتوقيع ديوانه الأخير، وامتدحه فى أكثر من
قصيدة، ووصفه بأنه امتداد للرئيس جمال عبد الناصر.
ولد الشاعر عبد الرحمن الأبنودى بمحافظة قنا بصعيد مصر عام 1938م، كان
أبوه مأذونًا شرعيًا، وانتقل بأسرته إلى مدينة قنا حيث عاش فترة طويلة هناك استمع
خلالها إلى أغانى السيرة الهلالية، مما جعله يتأثر بها وتولد لديه حب شعر الملحمات
والشعر العامي، بدأ إصدار دواوينه الشعرية عام 1964م ومنها «الأرض العيال»، حصل
على جائزة الدولة التقديرية عام 2001 كأول شاعر عامية يحصل عليها، كما حاز على
جائزة محمود درويش للإبداع العربى عام 2014م، توفى الأبنودى عصر يوم
الثلاثاء الموافق 21 أبريل 2015.
0 تعليقات