عبد الرحمن مدني |
ذكرياتي مع :
حرب السادس من أكتوبر 73
العاشر من رمضان
العاشر من رمضان
( حرب الغفران)
----
بقلم
عبد
الرحمن مدني
مقاتل دفاع جوي
عبد الرحمن مدني
أكتوبر 73
**لقد فاجأتني الذكرى الخالدة بمرور 41 عاماً ، على
إنتصاراتنا الكاسحة على العدو الأزلي ( إسرائيل ) في حرب 6 أكتوبر عام 1973م والتي أطلق عليها العدو الإسرائيلي إسم " حرب الغفران " . .
يحكي الفيلم الوثائقي الذي أعدته هيئة الإذاعة البريطانية BBC عن تلك الحرب المجيدة ، من خلال من شاهدوها وعاصروها ، عن ثغرة الدفراسوار وعبور قناة السويس وخط بارليف " الساتر الترابي " ، وملحمة عبور الجيش المصري ، وهضبة مرتفعات الجولان ، والقوات الجوية والبحرية المصرية وقوات الصاعقة والدفاع الجوي .
وتأتي الذكرى الثالثة لها هذا العام ، بعد ثورة 25 يناير 2011 ،في غمار فرحة الشعب المصري بإحتفالات عيد الأضحى المبارك ، وما سبقه من قرار البدء في "مشروع حفر قناة السويس الجديدة " ، الذي إتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسي المنتخب ، بإجماع لم يسبق له مثيل وبتكليف من شعب مصر ، بتولي رئاسة الجمهورية ، وتحمل مسئولية محاربة إرهاب الجماعات الإخوانية والقضاء على الفوضى التي عمّت البلاد وروعت العباد ، في عهد الرئيس الإخواني المعزول د. محمد مرسي " ، بهدف إسقاط الدولة المصرية وفق مخطط أمريكي إسرائيلي تركي ، للسيطرة على مقدرات شعوب المنطقة العربية وإعادة تقسيمها إلى إمارات وولايات تابعة للإستعمار العالمي الجديد تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيين .
- ونظراًً لكثافة الأحداث بعد الثورة بداية من الوقفات الإحتجاجية والإعتصامات التي
طالت كل القطاعات والمهن حتى الجامعات ورجال القضاء والأطباء والمعلمين والنقل العام . . .
الخ
نتيجة التخبط في القرارات السياسية
الخاطئة والمتضاربة بسبب الرغبة المحمومة في الإستحواز على السلطة من جانب بقايا وأذناب القيادات الإخوانية التي يحاكمها الشعب في قضايا عديدة أشهرها قضية " إقتحام إقسام الشرطة والسجون و الهروب الكبير من سجن وداي النطرون " بالإشتراك مع قيادات "منظمة حماس"بقطاع غزة ، لتهريب الإرهابيين والخارجين عن القانون والمحكوم عليهم بالإعدام في قضايا قتل وتجسس . . هم الآن وراء القضبان جنباً إلى جنب مع الرئيس المخلوع " محمد حسني مبارك الذي يحاكم حالياً محاكمة عادلة من خلال دولة المؤسسات والقانون ،في قضايا الظلم والفساد وإحتكار السلطة وتزاوجها مع رأس المال الذي ظل جاثما على
صدورنا طوال ثلاثين عاماً بمباركة الرئيس المخلوع مبارك وحاشيته . . بعد ثورة 25 يناير 2011 التي راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحي ،خلال أحداث تلك الثورة وسقوط الشهداء والضحايا الأبرياء ، بمختلف بقاع مصر وأهمها (موقعة الجمل) التي دبرتها وأشرفت على تنفيذها وتمويلها القيادت الإخوانية وجماعاتها بميدان التحرير وشارع محمد محمود ومعظم ميادين مصر
بالإسكندرية والسويس والإسماعيلية وغيرها .
- عذرا
للإطالة . . حيث لم أتكلم حتى الآن عن ذكرياتي عن حرب السادس من أكتوبر عام 73
العاشر
من رمضان أو حرب الساعات الست ( كما يطلق عليها بعض الكتاب والمؤرخون ) ولكل ما
تقدم سأكتفي بإضافة ذكرياتي ، لما سبق نشره من خلال وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المصرية والعالمية طوال العقود السابقة ، لتذكرة الإجيال الحاضرة التي لم تعاصر مشاهد تلك
الملحمة الرائعة لجيش مصر العظيم وكنت واحدا من أبطالها .
على موعد مع القدر
- نعم كنت واحداً من مقاتلي حرب
أكتوبر الخالدة عام 73 ، ورغم مرور41 عاماً على أحداثها إلا إنني لا زلت أتذكرها
بتفاصيلها الحلوة والمرة . . . نعم لقد كنت على موعد مع القدر عندما التحقت
بالقوات المسلحة قبل المعركة بسنة واحدة وشهرين ، كجندي مقاتل (ج.ع) بعد إنهاء دراستي
الجامعية بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية ، حيث تم إلحاقي بإحدى كتائب الدفاع الجوي
صواريخ سام الروسية ، العاملة بقطاع الجيش الثالث الميداني بعد 45 يوماً قضيتها
بمركز تدريب الدفاع الجوي بمركز تدريب اللاهون بمحافظة الفيوم . . . وفي الكتيبة
إرتبطت بعدد كبير من أصحاب المؤهلات العليا كجنود وضباط إحتياط ، أطباء ومهندسين وحملة الماجستير
ممن عقدت مصر الأمل عليهم في تحقيق النصر على العدو ، كانوا قد سبقوني في التجنيد
بأعوام عديدة حيث كان في ذلك الوقت يطلق على من يسرحون من الخدمة بمصطلح الإحتياط
أوالرديف يتم إستدعاؤهم عند الطلب .
كان من بين المجندين من قضى 14
و15 سنة خدمة عسكرية ، تحت مسمى الإستبقاء وخاصة السائقين وجنود المشاه والمدرعات
وبعض التخصصات الأخرى . ..
كانت مهمتي طوال خدمتي
بالكتيبة هي القيام بمهام " ضابط الإتصال " داخل غرفة العمليات بين
الكتيبة ولواء الدفاع الجوي ، لما تستلزمه تلك المهام من السرية والأمانة
والإنضباط واليقظة والسرعة ، . . حيث كنت أقوم بتلقي البلاغات ـ لاسلكياً ـ بالأوامر والتعليمات من زميلي
ضابط الأتصال أيضاً باللواء التابع له كتيبتي وتبليغها إلى قائد الكتيبة أو رئيس
العمليات ، بعد فك الشفرة التي كانت تتغير بإستمرار بمعرفة غرفة علميات الرئيسية ( الجيش الثالث ) الميداني ، أقوم بعرض محتوى الرسالة وتحمل كلمة "سري للغاية" على قائد الكتيبة أو رئيس العمليات وحصولي على التوقيع
اللازم بالعلم والتنفيذ ، علاوة على تلقي البلاغات على الخط التليفوني وإبلاغها بصوت
مسموع داخل غرفة العمليات أثناء قيامنا بعمل الكمائن للطائرات المعادية إذا ما
إخترقت مجالنا الجوي . . . وكانت غرفة العمليات تلك داخل مقطورة متحركة مفتوحة من
الجانبين ومقسمة إلى اجزاء قسم خاص بمجموعة أفراد "عمال التتبع" ، أمام كل منهم شاشة
مقسمة لإحداثيات وعجلة قيادة لتتبع الهدف المعادي رأسيا وأفقيا ، وفي الخلف ضابط
التوجيه ورئيس العمليات ثم قائد الكتيبة وكنت بحسب دوري وموقعي داخل غرفة العمليات المحصنة ، أجلس ملاصقاً لقائد الكتيبة
ورئيس العمليات وأمامهما شاشات الـ (فيكو ) الرادارية ، وشاشة ضابط توجيه ( الصاروخ ) إلى جانب خريطة تتبع الهدف لا سلكياً ويقوم بالتدوين عليها أحد الجنود لإثبات تحركات الهدف ـ المعادي ـ لحظة
بلحظة بينما أنا أقوم بمهام (ضابط الإتصال) المسؤل عن تلقى البلاغات من القيادة منذ بداية رفع حالة الإستعداد إلى الدرجةالثالثة بمجرد الإبلاغ عن ظهور الهدف ثم الإمساك به حتى تدميره بدقة
متناهية لا تقبل الخطأ ولو بنسبة واحد في المليون أو تركه وفقاً للتعليمات ، حتى يدخل في مجال
جوي لإحدى الكتائب المجاورة لكي تتعامل معه وتدميره . . وفي الناحية الأخرى
من كابينة العمليات وفي مواجهة
القائد أورئيس العمليات خريطة زجاجية شفافة يقف أمامها أحد الجنود (مسجل) يقوم
بتسجيل إحداثيات تحرك الهدف المعادي بقلم خاص وبألوان ثلاث الأصفر - الأحمر -
الأزرق وكل لون من الألوان الثلاثة يتعلق بهدف معين وكانت تأتيه معلومات عن تلك
الأهداف وتحركاتها من سرية الأستطلاع من خلال جهاز لا سلكي موضوع على أذنيه .
وكانت مهمتي(كضابط إتصال)داخل غرفة العمليات هي الإبلاغ والإعلان أول بأول من خلال توارد المعلومات
والبيانات فور تلقيها تلفونًياً من اللواء عن الهدف المعادي من حيث
السرعة والإرتفاع والإتجاه والنوع مع تدوين كل كلمة بسجل خاص هذا إلى جانب الأمساك
بدفاتر حسابات الكانتين والتصديق عليها من المحطة العسكرية بمنطقة فايد العسكرية ، وهذا كان ضروريا للحصول على الدعم اللازم للصرف على المشتريات الخاصة بالكانتين .
الكتيبة وحرب الإستنزاف
**ومن الحكايات التي كنت أستمع
اليها من الزملاء (القدامي) من الشاويشية والمساعدين أن كتيبتنا القتالية كانت
تعمل لها إسرائيل الف حساب لما حققته من خسائر جسيمة في طائراتها المعادية . . ويحكى
في أحدى المرات وأثناء (حرب الإستنزاف) أن تلقت الكتيبة ضربات مكثفة من طلعات طائرات الفانتوم الأمريكية ، وظلت
تحت نيران الغارات الجوية المتواصله من طائرات العدو بالقنابل الثقيلة على مدار الساعة طوال 48
ساعة على شكل هجمات بطائرات الفانتوم ، طبقاً للخطة الهجومية التي كانت تتبعها
إسرائيل بما يسمي خطة تحطيم " حائط الصواريخ " وراح ضحيتها عدد من المقاتلين جراء تلك
الغارات ،
- ومن بين تلك المشاهد التي كان يحكى عنها زملائي القدامى ، وهو عندما كان أحدالمقاتلين في طريقه
إلى الكانتين وعند عودته فاجأة طيران الفانتوم وأصابته إحدى الشظايا المتطايرة
الملتهبة ففصلت رأسه عن جسده بينما ظل الشهيد يجري وهو ممسكاً بسلاحه الشخصي
لمسافة طويلة ثم سقط على الأرض بينما الطيران المعادي يلقي بحمولته على الموقع دون
هوادة وبلا رحمة . . هذا إلى جانب العديد من المشاهد التي كان يقصها علينا نحن المجندون الجدد مما
كان له الأثر الكبير في شحن طاقتي المعنوية والقتالية والإنتظار بلهفة إلى يوم الثأر .
كمائن لطائرات العدو
- كانت من ضمن المهام التي تقوم
بها وحدتي القتالية هو نصب الكمائن لطائرات العدو بمنطقة الدفرسوار والبحيرات
المرة وخلال مدة خدمتي وحتى قبيل قيام حرب أكتوبر73 المجيدة قامت الكتيبة بإسقاط
العديد من طائرات الإستطلاع المعادية المخترقة لمجالنا الجوي الداخل في نطاق
خدمتنا وبأوامر من اللواء التابع له الكتيبة كنا نقوم بتغيير المكان تارة بجوار
البحيرات المرة متخفيين بين التلال وتارة أخرى بين مزارع البرتقال وأشجار المانجو
بمنطقة الإسماعيلية بعد عمل التمويه اللازم لصواريخنا والمعدات القتالية مثل
الرادار ومحطات توليد القوى والمدفعية المضادة للطائرات وغيرها . . ومن بين
التعليمات المشددة قبيل حرب أكتوبر والتي أتذكرها تماماً جاءني من لواء الدفاع
الجوي تعليمات قمت بإبلاغها في حينه إلى قائد الكتيبة تقول : عدم فتح شعاع القاذف
الحامل للصاروخ أثناء البحث عن الهدف بحيث يتم إطلاق الصاروخ مع الشعاع الحامل
لحظة الإمساك بالهدف المعادي هكذا كانت الحياة العسكرية تسير بإنضباط وريتم سريع
مع رفع درجة الإستعداد بين الدرجة الأولى أو الثانية في أغلب الأحيان إلى جانب
تمام المعدات وإبلاغها بمواعيد محددة بصفة يومية إلى قيادة الدفاع الجوي التي كانت
ترسل من جانبها بطاقمها للتفتيش على المعدات والأفراد لمطابقة الواقع بالسجلات
الدفترية التي كنت أقوم بإبلاغ عنها يوميا مع نماذج إستعاضة الخسائر في المعدات
والصواريخ المدمرة للإهداف المعادية .
ساعة الصفر
- كنت وقتها نوبتجياً بغرفة
العمليات وإذ بنا نفاجأ جميعاً بالموجة الأولى من طائراتنا المصرية المقاتلة في
تمام الساعة الثانية وخمس دقائق بعد ظهر السادس من أكتوبر1973 فوقنا متجهة شرقاً
نحو القناة ولم نعرف بساعة الصفر إلا من خلال الإذاعة الداخلية بغرفة العمليات وأجهزة
الراديو التي كانت لا تفارقنا في مواقعنا عند إذاعة البيان الأول لعبور قواتنا إلى
الضفة الشرقة للقناة وهنا صاح قائد الكتيبة بيننا وأخذ يقول لقد عبرنا . . عبرنا .
. عبرنا يا ولاد وأخذنا نهلل ونكبر ونقول في نفس واحد الله أكبر .. الله أكبر..
الله أكبر وكانت تلك الكلمات هي مفتاح النصر وتذكرت وقتها ممن سبقونا في الإستشهاد
أثناء حرب الإستنذاف وكما أذكر جاءتنا تعليمات بوقف إطلاق الصواريخ أثناء عبور
مقاتلاتنا وشاهدت ولأول مرة في حياتي المقاتلات وهي تحلق في السماء وتلقي بظلالها
فوق رءوسنا وعلى إرتفاعات منخفضة جداً تطير بأزيز مرتفع يصم الآذان في إتجاه
القناة كي ترمي بحمولاتها الثقيلة خط بارليف الحصين ثم تعود سالمة في دقائق كي
تعاود الكرة من جديد وعندما جاء الليل كان القمر لم يكتمل بعد بينما السماء على
الضفة الشرقية للقنال مشتعلة كقطعة من جهنم الحمراء ودوي المدافع بمختلف أنواعها
لا ينقطع والأرض ترتج تحت إقدامنا من هول قذف مدفعيتنا الثقيلة على طول خط القنال
. .وللحديث بقية إن شاء الله .
ونترك لمقطع الفيديو يحكي
لقطات من إنتصاراتنا العظيمة بالصوت والصورة عن تلك المناسبة الخالد على مر العصور
والتاريخ ذكرى حرب السادس من أكتوبرعام 1973م معركة إستعادة الكرامة والعزة والشرف
لشعبنا العظيم ولإمتنا العربية .
مقاتل دفاع جوي عبد الرحمن مدني أكتوبر 73 |
يحكي الفيلم الوثائقي الذي أعدته هيئة الإذاعة البريطانية BBC عن تلك الحرب المجيدة ، من خلال من شاهدوها وعاصروها ، عن ثغرة الدفراسوار وعبور قناة السويس وخط بارليف " الساتر الترابي " ، وملحمة عبور الجيش المصري ، وهضبة مرتفعات الجولان ، والقوات الجوية والبحرية المصرية وقوات الصاعقة والدفاع الجوي .
وتأتي الذكرى الثالثة لها هذا العام ، بعد ثورة 25 يناير 2011 ،في غمار فرحة الشعب المصري بإحتفالات عيد الأضحى المبارك ، وما سبقه من قرار البدء في "مشروع حفر قناة السويس الجديدة " ، الذي إتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسي المنتخب ، بإجماع لم يسبق له مثيل وبتكليف من شعب مصر ، بتولي رئاسة الجمهورية ، وتحمل مسئولية محاربة إرهاب الجماعات الإخوانية والقضاء على الفوضى التي عمّت البلاد وروعت العباد ، في عهد الرئيس الإخواني المعزول د. محمد مرسي " ، بهدف إسقاط الدولة المصرية وفق مخطط أمريكي إسرائيلي تركي ، للسيطرة على مقدرات شعوب المنطقة العربية وإعادة تقسيمها إلى إمارات وولايات تابعة للإستعمار العالمي الجديد تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيين .
- ونظراًً لكثافة الأحداث بعد الثورة بداية من الوقفات الإحتجاجية والإعتصامات التي طالت كل القطاعات والمهن حتى الجامعات ورجال القضاء والأطباء والمعلمين والنقل العام . . . الخ
- ومن بين تلك المشاهد التي كان يحكى عنها زملائي القدامى ، وهو عندما كان أحدالمقاتلين في طريقه إلى الكانتين وعند عودته فاجأة طيران الفانتوم وأصابته إحدى الشظايا المتطايرة الملتهبة ففصلت رأسه عن جسده بينما ظل الشهيد يجري وهو ممسكاً بسلاحه الشخصي لمسافة طويلة ثم سقط على الأرض بينما الطيران المعادي يلقي بحمولته على الموقع دون هوادة وبلا رحمة . . هذا إلى جانب العديد من المشاهد التي كان يقصها علينا نحن المجندون الجدد مما كان له الأثر الكبير في شحن طاقتي المعنوية والقتالية والإنتظار بلهفة إلى يوم الثأر .
0 تعليقات