اخر الاخبار متحرك

بيان صحفي - الأوضاع في العراق . . متى سيتعلم هذا العالم ؟!

بيان صحفي
الأوضاع في العراق
متى سيتعلم هذا العالم ؟!
بقلم
سعد الزبيدي
مركز جنيف الدولي للعدالة
** في 10 يونيو 2014 أصدرت وزارة الخارجية الامريكية بياناً صحفياً أعربت فيه عن "عميق قلقها" حول ما يجرى في العراق خاصة الاحداث في الموصل / العراق، وأكدت دعمها الكامل ، لما اسمته "استجابة منسقة قوية" بما في ذلك توفير "كل المساعدة المناسبة [...] للمساعدة على ضمان أن تنجح هذه الجهود ". أن هذه التعابير لا تحتاج إلى الكثير من الخيال لفهما وفهم ما تفكّر به واشنطن. فالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة في مواجهة ما تسميه "التهديدات الملحة" من الأفعال المزعومة بالإرهاب ينطوي حتماً استخدام القوة القسرية، بما في ذلك توفير أنواع الأسلحة والذخائر والمواد الحربية.هل سيتعلم هذا لعالم الدرس؟!
لقد اعتمد نوري المالكي، كثيرا على الخطاب والأساليب التي أدخلتها القوى الغازية للبلاد، ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن نتيجة مواقفه السياسية كانت كارثية وهدفت الى تعميق الإنقسام في المجتمع . لقد انتهج سياسة حديدية لا ترحم تقوم على أسس طائفية، وأصبحت حملات الاعتقال التعسفي هي القاعدة وليس الاستثناء، وارتفعت معدلات الإعدام إلى مستويات قياسية، ووجد عددا متزايدا من الخصوم السياسيين أنفسهم في مواجهة اتهامات مشكوك فيها بالإرهاب. كل هذه القضايا، فضلاً عن التدمير  "لدولة" العراق، وما حصل من الخسائر البشرية والدمار الهائل في أعقاب الغزو غير الشرعي عام 2003 اضافت الكثير من الاعباء على المجتمع.
- إن المجتمع الدولي، وتمشيا مع صمته ضد الغزو غير الشرعي والظلم الواقع على الشعب العراقي، ظل صامتا بينما نمت واستشرت انتهاكات حقوق الإنسان في العراق في السنوات التي تلت الغزو. ولم يعترض عندما جرى انتهاك سافر للقانون الدولي بتغيير النظام القضائي في العراق، وحلّ اجهزة حفظ النظام وتدمير مؤسسات الدولة.
وبقى صامتا عندما زادت هذه الانتهاكات وحشية في ظل الحكومات التي سميت بـ (الديمقراطية) والتي تولت السلطة في العراق بعد الغزو.
وبقى هذا المجتمع الدولي صامتاً عندما خرج الملايين من الشعب العراقي في الشوارع في عام 2011 و 2012 وطوال عام 2013 للمطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي ينبغي احترامها ووضع حدّ لانتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة والمستمرّة التي ترتكبها قوات المالكي.
وبقى صامتاً ايضاً عندما جابه رئيس الوزراء نوري المالكي هذه التظاهرات بالدبابات والمروحيات والصواريخ وباستخدام نفس الذريعة التي تذرّع بها الغزو الأميركي ايضاً (محاربة الإرهاب).
وكما لاحظت المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدّة السيدة نافي بيلاي في افتتاح الدورة 26 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف (10/6/2014)، فانه كثيرا ما يتعرض المتظاهرون للعنف من الحكومات تحت ذريعة الارهاب. وهكذا فنتيجة للسياسة الوحشية التي اتبعها نوري المالكي فقد ارتفع عدد ضحايا العنف عام 2013 كثيراً، واعتبر هذا العام، العام الاكثر دموية في العراق منذ عام 2008.
إن رفض الحكومة العراقية الاستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين، بالتزامن مع صمت المجتمع الدولي والأستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات، اصاب الشعب العراقي بالحزن واليأس. وعلى الصعيد الدولي، قدمت الحكومة العراقية نفسها على أنها رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، على الرغم من ان المتظاهرين وقادة قبليون رفضوا علناً مثل هذه الاتهامات في مناسبات عديدة وندّدوا علناً بكل انواع الإرهاب، وبل تعهدوا لمحاربة أي إرهابي.
لقد لقي تصوير الحكومة العراقية من المتظاهرين بأنهم (ارهابيون) الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن كل من إيران وروسيا. وبالفعل فقد وصلت الى بغداد، في يناير كانون الثاني عام 2014، طائرة شحن أمريكية محمّلة بالاسلحة بما في ذلك 2.400 من الصواريخ لتسليح طائرات هليكوبتر هجومية عراقية. وتم الاتفاق على عقد لبيع المزيد من أربع وعشرين المروحيات الهجومية AH-64E. جاء هذا بعد تسليم أول شحنة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2013 من اسلحة متقدمة للغاية من طائرات هليكوبتر  هجومية. هذا فضلا عن صفقات شراء الأسلحة من روسيا ثم وصول خمسة وسبعين صواريخ هيلفاير الى بغداد في منتصف ديسمبر كانون الاول 2013. كل هذه الاسلحة استخدمت ضد المناطق التي شهدت تظاهرات وخاصة في محافظة الانبار وادّت الى قتل المئات وتشريد آلاف العوائل من منازلها.
لقد حدث كل ذلك على الرغم من وجود ردود فعل مضادّة، منها مثلاً ما جاء على لسان السيد ستروان ستيفنسون، العضو البارز في الاتحاد الاوروبي، وهو الذي يرأس بعثة البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق، فقد حذّر في كانون الثاني/يناير 2014 من أن الهجوم ضد الإرهابيين المفترضين في 6 محافظات عراقية لم يكن أكثر من تغطية لإبادة تلك الأطراف المعارضة للسياسات الطائفية المتزايدة لرئيس الوزراء نوري المالكي.  وقال ستيفنسون ان معظم ما ادّعاه المالكي كان "محض هراء".
 واليوم، في حزيران 2014 أثبتت الأيام ان مخاوف السيد ستيفنسون، كانت، وللأسف،  صحيحة 
لقد تزايدت الهجمات العشوائية الخطيرة لقوات المالكي ضد المدنيين في يونيو حزيران عام 2014، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجّرة  في الأسواق والمكاتب البلدية والمستشفيات مما ادّى الى ارتفاع عدد الضحايا الى المئات، معظمهم من النساء والأطفال. كما ولدّ ذلك واحدة من أسوأ الكوارث الانسانية في العالم حيث ادّت إلى تشريد مئات الالاف من منازلهم وهم يعيشون الآن اقسى ظروف في حياتهم.
اننا نرى ان اعلان وزارة الخارجية الأمريكية في 10 حزيران/ يونيو 2014، لا يعني إلا المزيد من الكوارث، ولعلّنا لا نحتاج لإيراد أمثلة عديدة على نتائج الاعمال العسكرية التي جرت في الماضي القريب، سواء كان ذلك الغزو غير القانوني للعراق في عام 2003، والحرب على أفغانستان أو في الحالة المأساوية في سوريا، فقد أظهرت جميعها أن تأجيج العنف من خلال الإمدادات العسكرية لم يسهم ابدأ في وضع حلول عادلة وسلمية، بل ان جميع تكل الحالات جلبت المآسي للشعوب مما يجب ان يُغضب ويحرّك الضمير الإنساني ضد مرتكبيها.
ان مركز جنيف الدولي للعدالة، وبالنيابة عن جميع أولئك الذين يعارضون الحروب والدمار من الدول يدعو  المجتمع الدولي للاستماع إلى العديد من النداءات المستميتة من المدنيين العراقيين، الذين ينأون بوضوح عن جميع أشكال الإرهاب ولكنهم منخرطون في محاولة يائسة للدفاع عن أنفسهم ضد حكومة لا ترحم وتستخدم ذريعة مكافحة الإرهاب كذريعة لخوض حرب سياسية طائفية ضد الحقوق المشروعة لهؤلاء المواطنين. وحتى لو افترضنا جدلاً وجود بعض الإرهابيين ، فأن هذا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُتخذ مبرراً لقتل المدنيين الأبرياء.لقد حان الوقت،ـ اكثر من اي وقت مضى، لكي يعلم المجتمع الدولي أن العدالة فقط، وليس المزيد من الأسلحة والتدمير، يمكن له تحقيق السلام وانهاء العنف.

إرسال تعليق

0 تعليقات