بقلم
:
منى أبو
النصر
** الحمد لله على كل حال.. وتصدق
ما تصدقش انت وشوقك.. أنا بصراحة كنت منتظر اللى حصل ده.. لكن مش بالحجم ده.. أولا
روز اليوسف ارتفع توزيعها إلى الضعف تقريبا.. أنا اتأكدت بنفسى.. صحيح أنا ما
قبضتش ولا صرفت من هنا ولا من هنا.. لكن كنت أسعد الناس بالنتايج اللى حققها نشر
مذكراتى.. أو الجزء الأول منها بالتحديد تحت عنوانى الفاجومى.
ليه بقى؟ أنا أقول لك ليه بقى ــ النجاح ده أكد لى إنى ماشى صح وإن مفهومى عن وظيفة المبدع صحيح ميه فى الميه وواقعى ميه فى الميه.
ليه بقى؟ أنا أقول لك ليه بقى ــ النجاح ده أكد لى إنى ماشى صح وإن مفهومى عن وظيفة المبدع صحيح ميه فى الميه وواقعى ميه فى الميه.
المسألة مش فلوس ومكسب سريع.. أبدا
اللى أبقى من الفلوس ومن الخطوة عند الحكام هو حب الناس البسطاء واحترامهم واللى
يدوق يعرف أنا بقى دقت وعرفت ومش مستعد أخسر تحت أى مسمى وتعالوا نحسبها بالورقة
والقلم.. أولا أنا باقدر أبص فى وشى فى المراية.. ثانيا أنا باقدر أنام بعمق فى
الوقت والمكان اللى باختارهم.. ثالثا أنا عمرى الآن سبعة وستين سنة والحمد لله
باتمتع بصحة نفسية وذهنية وبدنية أكتر من أى شاب ــ قولولى بقى حد يقدر يشترى دا
كله بالفلوس؟
نرجع بقى لموضوعنا لأن جميع
اللى قروا المذكرات تقريبا سألونى فاجومى يعنى إيه؟ ــ والحقيقة إن كلمة فاجومى فى
العامية المصرية بتستخدم للدلالة على الشخص المندفع اللى يقدر يقول ــ يا غولة
عينك حمرا ــ بنفس السهولة اللى يقول بيها كلمة ــ سلامو عليكو.
وأنا ح اضرب لك مثل بحكاية
شعبية مالهاش علاقة بكتب المؤرخين الرسميين والحكاية دى كان بطلها الأول شيخ أزهرى
وكان بطلها التانى السلطان سليم الأول أو الخاقان الأعظم زى ما كانوا بيسموه.
بعد الإيقاع بالسلطان العظيم
طومان باى قائد المقاومة الشعبية ضد الغزو العثمانى لبر مصر المحروسة وإعدامه
وتعليقه على باب زويلة.. خاف القتلة من غضبة الشعب المصرى اللى كان بيعشق طومان
باى لدرجة إن العامة كانوا بيسموه طومان باى المصرى رغم أصوله المملوكية.. وهداهم
تفكيرهم لفكرة الإعلام ــ اللعبة السرمدية لحكم الشعوب ــ وطبعا أيامها لا كان فيه
صحافة ولا إذاعة ولا تليفزيون لكن كان فيه الجوامع والكنايس.. إذا خطب المشايخ
والقسس على المنابر باسم أى هلفوت يصبح سلطانا على البلاد والعباد والناس تقول.. أمين
وفى زيارته الأولى للأزهر الشريف اصطحب الخاقان الأعظم خازنداره محملا بأكياس
الدنانير والدراهم.. وكان كل ما يوصل أحد الأروقة ينتفض شيخ الرواق ومجاورينه
ويؤدون مجموعة من الشقلباظات أمام السلطان وهم يرددون الدعاء والابتهال إلى العلى
القدير بأن يحفظ مولانا الخاقان الأعظم حاكم البلاد وسيد العباد ــ ومات الملك عاش
الملك! ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأمام رواق الصعايدة كانت المفاجأة.
شيخ الرواق راجل هزيل ممصوص
شكله طالع م القرافة يشم هوا وراجع تانى قاعد ومادد رجليه فى وش الموكب السلطانى
وملمومين حواليه شوية مجاورين مقشفين.. وكلهم بيرددوا ويعيدوا تلاوة الآية الكريمة
ــ بسم الله الرحمن الرحيم: «قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة
أهلها أذلة وكذلك يفعلون» صدق الله العظيم ــ وانتظر مولانا السلطان أن ينتهى هذا
الترتيل ويأتى دور الشقلباظات، ودول أبدا كل ما ينتهوا يبدأون من جديد وبدأت خلقة
الخاقان تتقلب وشفاتيره تبيض ويبرطع بغل الغضب فى دماغه وأدرك الوزير الكارثة اللى
ممكن تحصل فسجد أمام الخاقان وقال له ما معناه إن نور طلعته طمس الرؤية عند الشيخ
والمجاورين وإن ده راجل متفان فى عمله وإنه يستحق الرضا السلطانى ويبدو أن السلطان
اقتنع أو تظاهر بالاقتناع فقال ــ عفارم عفارم ــ وانتهت الجولة على خير.. وأثناء
توزيع العطايا حدث هذا الحوار بين الخازندار والشيخ المقشف.. قال الخازندار:
ــ وأنت يا هذا.
قال له الشيخ:
ــ ماذا يا.. ماذا.
قال له:
ــ أتدرى أنك قد نلت الرضا
والقبول من مولانا السلطان.
ورد الشيخ:
ــ وكيف لا أدرى وأنا أقصد بأن
الرزايا قدر.
ويبدو أن الخازندار لم يفهم
تلميح الشيخ، فقال له:
ــ أمدد يدك يا رجل وخذ عطيتك
المضاعفة وادع لمولانا السلطان بالنصر.
ورد الشيخ بهدوء:
ــ اذهب بعطيتك هذه إلى جهنم
ولا تنس أن تقول لمولاك:
إن الذين يمدون أرجلهم لا
يمدون أيديهم.
إيه رأيكم بقى.
مش هو دا الفاجومى.
(من
كتاب «يا أهلى يا حبى يا حتة من قلبى» ــ أحمد فؤاد نجم ــ دار الشروق)
0 تعليقات