حادث مِنى وسُعار إيران
بقلم :
عبد العزيز
التويجري
كاتب سعودي
كاتب سعودي
** كان حادث التدافع في منى يوم عيد الأضحى المبارك الذي نتج عنه
وفاة 769 حاجاً وإصابة 934 آخرين، فاجعة محزنة دفعت عدداً كبيراً من قادة دول
العالم، وهيئات وشخصيات عربية وإسلامية من جميع أنحاء العالم، إلى التعبير عن
مواساتهم وتعاطفهم مع المملكة العربية السعودية، ومع أسر وأقارب المتوفين
والمصابين. ولم يشذ عن هذا السيل من التعاطف والتضامن سوى إيران وأتباعها
الطائفيين الذين ارتفعت أصواتهم النشاز مستنكرينَ ومتهمينَ السلطات السعودية بعدم
القدرة على إدارة شؤون الحج، ومطالبين بتدويل الإشراف على المشاعر المقدسة.
بل بلغت الوقاحة وسوء النيات بقادة إيران
إلى المطالبة بالمشاركة في التحقيقات التي تجريها السلطات السعودية، وكأن الذي حدث
اعتداء منها على الحجاج، بينما كل منصف يعرف أن المملكة تسخّر كل إمكاناتها لخدمة
الحجاج وتيسير أداء الفريضة لهم وتنفق بلايين الدولارات لتعمير المشاعر وتطوير
الخدمات وتوفير كل أسباب الأمن والراحة للحجاج والمعتمرين. ومن شاهد مستوى
الاستعدادات والخدمات والتجهيزات الأمنية والطبية والتموينية التي وفرتها السعودية
هذا العام لموسم الحج، سيقدر بلا شك كل ما بذل من جهد وما وفّر من إمكانات
مختلفة.إن موقف إيران المتشنج وإصرارها على توظيف هذه المأساة لأهداف سياسية
وتحريكها آلتها الإعلامية وأتباعها وأشياعها في الداخل والخارج لتشويه الحقائق
والتدليس والكذب حول أسباب هذا الحادث، الذي ستكشف التحقيقات الجارية حقيقته، دليل
على سوء نيات قادة إيران، وأنهم يخفون أمراً كانوا يتمنون حدوثه بعد هذه المأساة
المحزنة، بخاصة بعد تداول أخبار وروايات من شهود عيان تدل على حدوث تحركات وتصرفات
مشبوهة من قبل حجاج إيران. وهذا أمر لا يستغرب من إيران التي وضعت في رأس أوليات
سياستها تجاه العالم الإسلامي، تصدير المذهب وغرس بؤر الفتن في بلدانه، وتكوين
الميليشيات في عدد من هذه البلدان، ناهيك عن دعم تابعها المطيع في سورية الذي بذلت
الغالي والرخيص للدفاع عن نظامه الدموي وعصابته الطائفية. ومن ذَا الذي ينسى جرائم
إيران في عدد من مواسم الحج الماضية وما أثاره حجاجها، الذين كان جزء كبير منهم من
أفراد الحرس الثوري، من فوضى وما قاموا به من اعتداءات على الحجاج وعلى رجال الأمن
السعوديين. لقد كشف حادث منى المحزن مخطط قادة إيران المتآمر على أقدس مكان
للمسلمين. وهذه المطالبة المشبوهة من دولة هذه صفتها وهذه أعمالها، لا يمكن أن
تكون دعوة صادقة وبريئة، لأن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة كلها كانت ولا
تزال، ضمن كيان دولة مستقلة ذات سيادة كاملة لا ينازعها فيها أحد ولا تقبل أن
يتطاول عليها أحد.
إن هذا الموقف العدائي المكشوف يجب أن يقابل بكل حزم من
الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ولو اقتضى الأمر تجميد عضوية إيران فيها
أو إسقاطها. فمن يستغل حادثاً محزناً ومأساة مؤلمة، ومن يتآمر على البلاد التي
فيها مقدسات المسلمين، ليس جديراً بأن يكون ضمن الأسرة الإسلامية. وفي ميثاق هذه
المنظمة ما يسمح بذلك؛ لأن هذه السياسة التي تتبعها إيران على نطاق إقليمي واسع، تقيم
الدليل القاطع على أنها خارجة عن محجة التضامن الإسلامي. إن ما حدث في منى ابتلاءٌ
وقدرٌ لا رادّ له، ومع ذلك فالسلطات السعودية تجري تحقيقاً معمقاً لمعرفة أسبابه
كاملة، وستضع الرأي العام الإسلامي والدولي في الصورة الحقيقية لما حدث حين ظهور
نتائج التحقيق. أما هذا الاستغلال الشرير لهذه المأساة الإنسانية المروعة، فتآمر
بكل معاني الكلمة، ليس ضد المملكة العربية السعودية فحسب، بل ضد الأمة الإسلامية
جمعاء. لقد أبانت إيران عن السياسة التآمرية التي تنهجها في العالم الإسلامي،
وسعيها بكل ما يتوافر لديها من إمكانات وموارد، لإثارة الفتنة التي نهى عنها الدين
الحنيف، ولبثّ الاضطرابات والقلاقل، ولإطالة أمد الأزمات والنزاعات المسلحة التي
تخدم وصولها إلى أهدافها البعيدة. وهي تنطلق في البدء والختام من عداء مستحكم ضد
السعودية التي ترى أنها تقف قلعةً منيعةً في وجه سياساتها التآمرية الخبيثة
0 تعليقات