اخر الاخبار متحرك

"رصاصات المنشية" صفحة سوداء من تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية

الصندوق الإسود لجماعة الإخوان :
"رصاصات اامنشية"
 صفحة سوداء من تاريخ الإخوان 
الإرهابي

تقرير: سارة الحارث
** مناسبة وطنية يفضل لو كانت احتفالا باتفاقية جلاء مع محتل، تم توقيعه منذ خمسة أيام فقط، رئيس يخطب وشعب يرهقه الهتاف، وفجأة صوت رصاص، ثماني رصاصات تحديدًا تخترق حالة الهيستريا الشعبية، آخذة طريقها في الفراغ، ماذا يحدث؟ من أطلقه؟ من المقصود والتوابع؟!
مجددًا يعود الضجيج، ولكنه ضجيج الهمهمات والبحث عن إجابات، ليرتفع صوت الشخص المستهدف، الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مرددًا بصوت شديد الاختناق: "فليبقى كل في مكانه، أيها الرجال دمي فداء لكم، حياتي فداء لكم".
طالب "جمال" الرجال بالوقوف، فجاء الوقوف طويلًا ليس لمن حضروا الحادث فقط، ولا حتى لهؤلاء الذين تابعوه بجودته الرديئة عبر شاشة تلفزيونية سميكة، أو بصوت مفزع يأتيهم عبر موجات الأثير الإذاعي، بل كان وقوفًا لدولة بشعبها على حادث يمكن التأريخ من عنده لما قبله وما بعده،  هو حادث المنشية، 26 أكتوبر 1954، الذي استهدف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وترتب عليها رسم لشكل العلاقة بين الدولة من ناحية وجماعة الإخوان المتهمة في الواقعة من ناحية أخرى.
اليوم الإثنين، الموافق 26 أكتوبر، تمر الذكرى الأولى بعد الستين للحادث، وسط نفس الروايات بنفس الغموض الذي يحيط بها، ولم يتبقّ لك كمتابع إلا أن تتحرك بين رواية أولى رسمية تتهم الإخوان بالتورط، وثانية إخوانية تنفي ما تقوله الحكومة، لينتج منهما ثالثة تشكك في نصف الأولى، وتقبل النص فقط من الثانية، وكأنها تريد أن ترضى كافة الأطراف، فتقر بتورط الإخوان في الحادث، ولكن بشكل غير تنظيمي، ما يعني أن المتورطين إخوان ولكنهم قاموا بالعملية بعيدًا عن القيادات.
وسواء كانت العملية بعلم القيادة أو بغض الطرف منها، إلا أن هذا لا ينفي أن المتورط كان محمود عبداللطيف، أحد شباب الإخوان المدربين على الرماية.
وتقول الجماعة: إن "عبد اللطيف" قبض عليه من منزله في إمبابة، وليس في ساحة المنشية كما تقول السلطة، متابعة: إن كفاءة "عبد اللطيف" كفيلة بإنجاح عملية، ما يعني أن فشلها يفيد أنه لم يقم بها أصلًا.
وتأتي الرواية الرسمية على لسان إبراهيم بغدادي، ضابط المخابرات الحربية حينها، وقال في لقاء إعلامي له: "ركضنا لنرى ما الذي جرى، واخترقنا صفوف الجماهير لنصل إلى أقرب ما يمكن من المنصة، وكان الناس قد هجموا على الذي أطلق الرصاص ووقع على الأرض، عندما وصلنا إلى هناك كان قبلنا أفراد الشرطة وقبضوا على مطلق النار".
ويتابع: "ومن بين من كانوا فعلا على المنصة التي كان يلقي منها عبدالناصر خطابه الرائد صلاح دسوقي رئيس وحدة أركان حرب وزارة الداخلية، الذي يؤكد أن الذي قبض عليه في موقع الحادث من قبل الجماهير والجهات الأمنية بعد ذلك هو شخص أفاد بأن اسمه محمود عبد اللطيف".
والواقع أنه مع كثرة الروايات والشواهد التي يسوقها أصحابها للتدليل على صحة موقفهم، إلا أن الحادث هذا العام، يمر وسط تخوفات من تكراره مع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، خاصة وأن حالة العداء بينه وبين الإخوان وصلت إلى مداها.
ويدعم هذه التخوفات حادث الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي كان في موقف مشابه لموقف "عبد الناصر" في المنشية، إلا أن "السادات" فقد حياته فعلًا ولم تكن محاولة فاشلة.