اخر الاخبار متحرك

جماعات تحت الطلب والإسلام السياسي هو السئول

بقلم 
د. صلاح الدين محمد 
باحث في العلاقات الدولية 
جماعات تحت الطلب
الإسلام السياسي خطأ إجتماعي
يُسأل عنه المجتمعات 
كافة
  ** أمر الجماعات المحسوبة على الإسلام السياسي بات مادة ثرية للدراسات والمعلومات لكثرة هذه الجماعات في العقود الأخيرة بما نبَّه الغرب إلى الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه تلك الجماعات في إدارة صراع لصالح قوى استعمارية ولَّت وقوى إستعمارية أتت وأخرى على وشك البزوغ.
ارتبطت عوامل ارتقاء الحضارات واندثارها بعوامل كثيرة أخطرها على بقائها أو زوالها هو عامل الدين. فباسم الدين سِيقت حملات استعمارية بغرض الدفاع عن المقدسات الدينية، فتحركت جيوش جرارة من بقاع شتى من الأرض صوب جهات أخرى ربما كانت تعيش على الفطرة حتى تلوثت بفعل مُستعمِر.
لم يكن الدين أداة إرهاب في يوم من الأيام لأنه في واقعه رسالة من السماء لأهل الأرض للعودة إلى الفطرة السليمة التي تعترف بوحدانية الخالق، رافق ذلك حزمة من التشريعات لتنظيم حياة البشر العملية في إطار هذه الوحدانية. اختلف التشريع من عهد لعهد ومن حقبة لحقبة حسب تطور الحياة البشرية، إلا أن الرسالة بقيت على نقائها من حيث التوحيد.
وسوس الشيطان لابن آدم بأن يغزو أخيه الكائن في بلاد أخرى بعد أن لعب الطمع لعبته الأزلية مع بني الإنسان، والطموح الذي لاينتهي بحق الحصول على خيرات الآخر بل والإقتتال عليها والبقاء للأقوى كانت كلمة السر في تلك العلاقة.
لم يقتصر الطموح الإنساني على استعمار الغير طالما سنحت الظروف، لكن الطموح ازداد قسوة وضراوة حين لجأ البعض لإحتلال العالم فسمعنا عن امبراطوريات لم تكن لتغيب عنها الشمس لولا سُنةَّ الكون في البقاء من عدمه، ومما لاشك فيه أن البقاء لايكون إلا للأقوى، ولهذا حين تضعف إمبراطورية معناه بزوغ شمس أخرى، وهكذا دواليك.
من أهم واخطر عناصر تمكين المُستعمر هو اللعب على مشاعر الآخر من خلال استقطاب عناصر القوة فيه لكي تعمل لصالحة وليس العكس لضمان إضعاف المقاومة قدر المستطاع، أو على أقل تقدير شق المجتمع المحتل إلى مع وضد وتزييف المفاهيم وإشاعة الشائعات بعد أن يَدَّعي الخائن الأمانة بل ويُخوَّن الآخر وهنا يبدأ التجييش لإستغلال تلك الصور الإجتماعية  فيما يحقق مصلحة المستعمر، والتاريخ ممتلىء بمثل هذه المشاهد وخاصة في عالمنا العربي تحديداً والشرق الأوسط عموماً. هنا تلعب الجماعات الدينية التي كانت تدعي الإستضعاف بالأمس دور بل أدوار لاتخطر للشيطان على بال بعد أن أصبحوا يلعبون دور العميل المزدوج الذي يَدَّعي الوطنية والتدين وفي ذات الوقت يتبرأ من كل مُستعمر وهو أحد عملائه المخلصين بل ويصل الأمر للتمويه لإطلاق شعارات مخدرة ومضللة للمواطنين تناهض المستعمر وهي في ذات الآن يده التي يبطش بها. الأسوأ أن يصبح لهؤلاء قطيع يتبعهم منذ البداية بسبب مفهوم الإنتماء الجماعي الذي هو أشد وأخطر أنواع الإنتماء.
الإنتماء بدافع الدين هو انتماء قطيعي الشكل والمضمون وخاصة إذا كان يعتمد في أهم مبادئه على عنصري السمع والطاعة، وهذا ربما نشاهده كثيراً في عالم الحيوان من حيث سياسة القطيع لأن من قوة القطيع يستمد  الفرد قوته، ولكن الأمر يختلف عنه في عالم الإنسان بداية لأن الإنسان خُلق بعقل وهو مكلف دونما ضرورة للإنتماء في شكله القطيعي. فالحيوان مؤهل لأن يقود القطيع، أما الإنسان فلا يليق به لأنه مخلوق يتميز بالعقل الذي من البديهي أن يستعمل فيما خلق له لا أن يترك لغيره تشكيل وجدانه. صحيح أن ثمة حالات تحتاج إلى سياسة القطيع وخاصة في مواجهة الآخر بشكل فيه صراع أو اقتتال أو منافسة، لكن على مستوى السلوك الإجتماعي فلا يجوز من الأساس خروج فئة على الكل أو يقسم المجتمع إلى فئات عنصرية لأن هذا يؤدي بالضرورة إلى عنصرية الإنتقاء في المجتمع الواحد مما يضعف أوصالة ويقطع نسيجة ويصبح عُرضة للمستعمر دائم التربص.
ماحدث من بعض فئات الإسلام السياسي هو في الأساس مبني على فكر عنصري أصحابه ممن لايستطيعون العيش في مجتمعاتهم بشكل سوي دون تميز، حتى وصلت درجة التميز إلى أقصاها سلباً بأن صُنِّف المجتمع الواحد إلى مؤمن وكافر بما يعطي الحق للأول لقتل الآخر!!
والأسوأ أن يُستغل الإسلام السياسي ليس فقط في الحث على تطبيق شرع الله، بل يضع حياة الآخر على المحك في وطن يجمع كليهما، فيصبح أحدهما منعزلاً عن الآخر بما يجعل منه ساعداً من سواعد الإستعمار عن وعي أو بدونه.
الإسلام السياسي خطأ اجتماعي يُسأل عنه المجتمعات كافة والدول المنظمة لحركة المجتمع، وعليه فالدول مسؤولة مسئولية كاملة في تشكيل النشء المختلف العقائد والملل والأجناس ولهذا فالقانون في قوة تطبيقه هو القادر على إنهاء ظاهرة الإسلام السياسي أو أي انتماءات أخرى تتكون خلسة دون أن يكون للدولة الدور الأكبر في القضاء عليها في مهدها. لاينبغي بحال أن ندعي أننا نعيش في دولة همها الأول سلامة المواطن دون النظر بعين ثاقبة على ما ينتج  عن ترك الحبل على الغرب لتكوين جماعات لأي غرض من الأغراض لأن النتائج تكون كارثية تبنى على التميز الطبقي أو العنصري أو الديني أو المذهبي بما يقطع أوصال المجتمع في ظروف تشهد تربص الآخر للحظة الإنهيار.

إرسال تعليق

0 تعليقات